الثلاثاء، 20 مايو 2008

الأيزيديون والقُضاة

حسين حسن نرمو/ ألمانيا

h.nermo@gmail. com
الذي يتابع الشأن الأيزيدي وخاصة في مجال عنوان هذا المقال ، يرى بأن الخطوة
السليمانية والمشكورة سلفاً / التي تجرأ بها إدارة حكومة أقليم كوردستان
بتعين قضاة أيزيديين في المحاكم ضمن حدود إدارة حكومتهم ليست الأولى من نوعها
في هذا المجال وفي المناطق والدول التي تتواجد فيهم الأيزيديون . . . ولكي
لا يسئ الفهم لما ذكرته أعلاه من قبل إخواننا الأعزاء في مكتب شؤون الأيزيدية
ضمن الإدارة ذاتها والمرتبط مباشرةً بالسكرتير العام للإتحاد الوطني الكوردستاني
، وكما حدث لأكثر من مرة في مقالات أخرى ، حيث زفوا لنا الأخوان في المكتب
بهذه البشرى السارة والذي سأتطرق حتماً إلى أهمية مثل هذه الخطوة وفي هذه
. المرحلة بالذات بعدما نذكر الحالات الخرى . .
قد يستغرب البعض لو قلنا بأن أول أيزيدي جلس على كرسي القضاة وتحت ميزان العدالة
كان من روسيا وأسمه ( قناتى نادر ) والذي درس الحقوق أبان العهد القيصري
وعمل قاضياً في بداية القرن الماضي وحتى نشوب الحرب العالمية الأولى ليصبح
فيما بعد أي بعد أن ترك سلك القضاء أستاذاً رفيع المستوى للغة الروسية ومن
تلامذته في هذا المجال الكاتب المعروف حاجيى جندي وآخرين ، هذا مارواه لي
أحد أحفاده المدعو ( مشير ) حينما ألتقيت به أخيراً والذي يعيش الآن في المهجر
وفي إحدى المدن الألمانية . . رغم إنها كانت المرة الأولى التي يتسنم أحد
الأيزيديين هذا الموقع المهم بالنسبة لنا ، لكن في دولة مثل روسيا النظام
فيها كان ولا يزال علماني ، يجب أن لا نستغرب أبداً ، لأن الاختيار وقع بالتأكيد
على أساس الكفاءة ( الرجل المناسب في المكان المناسب ) دون التميز بين هذا
وذاك على أساس الدين مثلما هو موجود في الدول الإسلامية والعربية والذي يعتبر
الدين الإسلامي دين الدولة الرسمي والمصدر الرئيسي والوحيد للشريعة ، والذي
يمنع لا بل يحّرم على الكثيرين والغير مسلمين من تقليد مناصب في القضاء على
سبيل المثال لا الحصر . . . إذن المعروف عدا جمهوريتي أرمينيا وجورجيا السوفيتين
، يتواجد الأيزيديون في تركيا حيث محرومين من كتابة إسم ديانتهم في الحقل
الخاص الموجود في الهويات الشخصية ، وفي سوريا لا يتمتع الكثير منهم بحقوق
المواطنة بإعتبارهم أجانب لا يملكون الجنسية السورية ، وفي العراق حيث يوجد
مركز الأمارة الأيزيدية ومعبد لالش المقدس عانوا الأيزيديين الأمرّين وخاصة
في زمن الدكتاتور صدام ليضيع حقوقهم بين مزاجيات حكومة البعث بأنهم أكراداً
حينما تم ترحيلهم من قراهم والإستحواذ على أراضيهم لصالح العرب وجمعهم في
مجمعات قسرية ، وحينما يطالب الأيزيديون بحقوقهم في حالات القرارات لصالح
الأكراد يتم التعامل معهم كعرب تحت ذريعة تصريح لأحد الأمراء بأن الأيزيديين
عرب وفي التعداد العام للسكان في السبعينات . . . وفيما يخص تعين حقوقين
أيزيديين في مجال القضاء لا يختلف التعامل معهم عن الذي سبق وأن ذكرناه ،
لأن قبول الخريجين الأيزيديين من كلية القانون في معهد القضاة صعب المنال
إلا ما ندر ، حيث على حد علم الكثير ولحد التسعينات كان لدينا خريج واحد
فقط من المعهد المذكور والذي انفلت من تحت أنظار أزلام نظام البعث وبالتأكيد
بعد مقابلات محرجة للغاية ونعتقد كان ذكياً وكفوءاً في مجال عمله كحقوقي
آنذاك لذلك تم قبوله ، أو ربما كان قبوله حينذاك لذر الرماد في العيون من
قبل سلطة البعث لتقول ( ها نقبل الآخرين أيضاً للعمل في مجال القضاء مستقبلاً
) ، لكن للأسف وبعد تخرجه ورغم كفاءته في عمله لم تسمح له العمل إلا في مجال
الإدعاء العام فقط . . . لكن بعد انتفاضة آذار التاريخية في بداية التسعينات
ثم انتخاب أول برلمان كوردستاني وحكومة كوردستانية تم تعين الحقوقي المعروف
خريج معهد القضاة آنذاك السيد نمر كجو كأول قاضي للتحقيق لا على المستوى
الكوردستاني فحسب بل اعتبر أول قاضي أيزيدي في العراق ، وحينذاك تنفس الأيزيديون
الصعداء بعدما رأوا واحداً من بني جلدتهم يعمل في هذا المنصب الحساس بالنسبة
لهم ، لكن للأسف وبدل ان ننتظر تعين آخرين في هذا المجال فوجئنا بقرار تنحية
السيد المذكور من هذا المنصب وفي ظروف غامضة آنذاك والذي بحق أثبت جدارته
ونزاهته طيلة فترة عمله على كرسي القضاة وتحت ميزان العدالة ، لنسمع فيما
بعد تعينه في منصب وزيراً للأقليم في حكومة أقليم كوردستان أربيل ربما
. لإرضائه حينذاك . .
وفيما يخص القرار الأخير من لدن حكومة أقليم كوردستان السليمانية بتعين
قضاة أيزيديين هذه المرة أي إثنان هما الحقوقي المعروف قاسم أوصمان والحقوقي
أحمد حجي كان قراراً جريئاً بكل معنى الكلمة ومهماً جداً بالنسبة لنا كأيزيديين
في هذه المرحلة بالذات من وجهة نظرنا ، وأهمية القرار هذا حسب ما يراه الكثير
. من الأيزيديين تكمن في . .
أولاً : القرار كان بإقتراح من السيد وزير العدل في حكومة الأقليم و بعد
. توصية القيادة في الإتحاد الوطني وتنفيذه من قبل الحكومة الأقليمية .
ثانياً : جاء القرار في توقيت بعد الأنتخابات الأقليمية وقبل تشكيل الحكومة
الموحدة من الحزبين الرئيسين والأحزاب الأخرى المتحالفة معهم ، حيث ربما
ستكون إتخاذ مثل هذا القرار بعد حين أصعب إلى حد ما ، لأن سبق وأن كان هنالك
. مَن شغل منصب القاضي في بهدينان وتم الإستغناء عنه كما أسلفنا .
ثالثاً والأهم : كلنا نعلم نحن على أبواب مرحلة جديدة في العراق بعد الأنتخابات
العامة للجمعية الوطنية حيث ستنبثق منها لجان متخصصة لصياغة الدستور الدائم
للعراق وبالتأكيد سيكون للكورد دور مهم فيها ، وأملنا منهم التأكيد على على
المطاليب الرئيسية والذي سبق وأن تم تثبيتها في قانون إدارة الدولة منه عدم
اعتبار الدين المصدر الوحيد والرئيسي للشريعة ليكون لكافة العراقيين من مختلف
الأطياف بغض النظر عن إنتمائهم الديني الحق في المشاركة في كافة المجالات
في عراقنا االديمقراطي التعددي الفيدرالي في المستقبل . . وها قرار حكومة
الأقليم الأخير بتعين قضاة أيزيديين أكبر دليل على أساس ما نقوله أعلاه ،
متمنين أن يعمم مثل هذا القرار في العراق عامةً ونرى في المستقبل القريب
. قضاة أيزيديين أيضاً في محاكم الموصل وبغداد والبصرة ودهوك و . . . و
. . وبالإعتماد على الكفاءة الوظيفية وبدون تمييز على
. أساس الدين أو الطائفة أو . . . أو .

ليست هناك تعليقات: