الخميس، 1 مايو 2008

هل ستكتمل العدالة في قضية الأنفال ؟

بقلم / حسين حسن نرمو
hussain-nermo@hotmail.de
الأنفال تلك العملية ، أو بالأدحرى العمليات الوحشية والسيئة الصيت التي قادها النظام الدكتاتوري البائد في العراق ضد المواطنين الكرد ، بعد ترجح كفة الميزان في الحرب العراقية الإيرانية لصالحه وبالنصر المزيّف، وبعد موافقة الجانب الإيراني على وقف القتال اضطرارا ، لوقوف المجتمع الدولي بأسره مع الدكتاتور صدام حسين ضد إيران ،
تحت ذريعة منع انتشار النظام الإسلامي في الشرق الأوسط والخليج العربي ذات الخزين النفطي المهم للمنطقة والعالم أيضاً ... نعم وتنفيذاً لأوامرٍ من الجهات العليا والمتمثل برأس السلطة الدكتاتورية ، قام الجيش العراقي ، و الذي كان أداة التنفيذ آنذاك من قبل النظام ، مع العديد من الأجهزة القمعية التابعة له سواءاً كانت الاستخبارات أو الأمن والأمن الخاص وما إلى ذلك من الأجهزة التي أنشأها الدكتاتور أبان عهده ، وبإشراف مباشر من أبن عمه علي حسن المجيد ، نُفِذت تلك العمليات وفي كافة أرجاء كردستان وعلى مراحل متعددة مستخدماً شتى صنوف أسلحة الدمار الشامل المحرّمة دولياً منها السلاح الكيمياوي الفتّاك ، لإجبار القوى التحررية المتمثلة بالأحزاب الكردستانية والعراقية مع جماهيرها على الخضوع لأوامر ذلك الجبروت المتحكم برقاب الشعب العراقي عامةً ... لذا كانت حصيلة تلك العمليات المشئومة حصد أرواح عشرات الآلاف من المواطنين العزل ، بعد تصفيتهم في معسكرات ومقابر جماعية تم اكتشاف البعض منها في الآونة الأخيرة عقب سقوط الصنم في بغداد .
إضافة إلى ذلك فإن العديد من أفواج الدفاع الوطني والسرايا الخاصة غير النظامية والتابعة لتلك الأجهزة القمعية والمتجحفلة مع قوات الجيش العراقي ، شاركت في تلك العمليات بشكل أو بآخر وبتوجيه من آمريها وقادتها والذين عملوا مع النظام بصفة عملاء أو معتمدين ضد تيار الحركة التحررية الكردستانية مقابل مبالغ وامتيازات مغرية . ولم يقتصر حقد وظلم النظام على الشعب العراقي فحسب بل امتد إلى دول الجوار, عندما غامر الدكتاتور العراقي باحتلال الجارة الكويت, الأمر الذي أدى إلى تحرك المجتمع الدولي ضد النظام وبالتالي نشوب حرب الخليج الثانية. كما عبر الشعب العراقي أيضا عن رفضه لنهج النظام وسياساته الحمقاء عندما قام الشعب بالانتفاضة الآذارية المباركة التي عمت أغلب محافظات العراق وخاصة الشمالية والجنوبية. وبعد أن قام النظام بقمع انتفاضة الشعب, حدثت الهجرة المليونية التي هزت الضمير العالمي بسبب جسامة الكارثة الإنسانية التي طالت الشعب, فعمل المجتمع الدولي على توفير الحماية الدولية عندما اصدر مجلس الأمن الدولي قراره بحماية مناطق كردستان وجنوب العراق ومنع التواجد العسكري للنظام شمال خط العرض 36 وتوفير الحماية الجوية وتقديم المساعدات الإنسانية للنازحين والهاربين من بطش النظام . لقد نجم عن ذلك فراغ اداري في تلك المناطق وهكذا أقدم الكرد على أجراء الانتخابات البرلمانية وتشكيل حكومة الإقليم لسد الفراغ الذي حصل بعد قرار الحكومة المركزية بسحب إداراتها من كردستان نهاية عام 1991 .
ومنذ ذلك الوقت فان قضية إحالة آمري أفواج الدفاع الوطني والعملاء الآخرين وخاصة الذين شاركوا في عمليات القتل والتدمير للبنية التحتية لكردستان , تشغل حيزاً واسعاً من اهتمامات الأوساط الشعبية الكردستانية، حيث تكثف جهودها للضغط على حكومة الإقليم لاعتقالهم وإحالتهم إلى المحاكم الخاصة ، رغم إصدار قرار العفو بعد الانتفاضة ، والذي كان قراراًُ سياسياً لا يشمل الجانب القانوني لمحاسبة هؤلاء وصدر من القادة السياسيين ، وجاء ذلك العفو كأمر واقع حينذاك بسبب فراغ السلطة .
وبعد تحرير العراق في التاسع من نيسان عام 2003 ورحيل النظام الدكتاتوري إلى الأبد ليحل محله نظام ديمقراطي قائم على الانتخابات الحرة . لقد كشفت الأوراق المدّونة في ملفات الأجهزة الأمنية القمعية الصدامية وبالأسماء والوثائق عن أسماء الذين تعاونوا مع النظام من أجل دحر الحركة التحررية الكردستانية ، وكذلك كل الذين شاركوا فعلياً مع قوات الجيش في عمليات الأنفال السيئة الصيت ومن أخوتنا في القومية والعقيدة، حتى باتت تلك الأسماء تتصدر العناوين في مختلف وسائل الأعلام وبالذات المكتوبة وعلى وجه الخصوص الصفحات الإلكترونية المستقلة، وعلى ضوئها توالت الدعوات والشكاوى مجدداً من المواطنين الكردستانيين ومن قبل أصحاب الشأن وذات العلاقة من الأقارب وذوي المؤنفلين إلى الحكومة الكردستانية، بغية تقديم هؤلاء الذين ساعدوا النظام في فقدان أحبائهم وفلذات أكبادهم إلى العدالة وخاصة المحكمة الجنائية العليا المختصة بجرائم النظام السابق في بغداد ، والتي حكمت أخيراً على الأقطاب الرئيسية ومن المسؤولين في قضية الأنفال ، لينال كل الذين ساعدوا وشاركوا في تلك العمليات جزاءهم العادل مثل أسيادهم ، وكذلك سحب الثقة من هؤلاء والذين تبوأوا مناصب ومواقع ومراكز مهمة وهم لا يستحقونها أصلاً والتي اكتسبها هؤلاء تحت حماية أو وصاية هذا أو ذاك من القادة الكردستانيين وعلى حساب المواطنين الآخرين ، وثم إلغاء كافة الاستحقاقات المادية والمعنوية مع المطالبة بالتعويضات منهم لضحايا تلك العمليات الإجرامية .
ومتى ما تحقق ذلك ، ستكون العدالة قد اكتملت في أهم قضية جينوسايد والتي شغلت الرأي العام العالمي والمحلي على مدى عقدين من
الزمن ألا وهو قضية الأنفال ؟

ليست هناك تعليقات: