الخميس، 1 مايو 2008

جزاء الأحسان لقرية بوزان !!!!

بقلم / حسين حسن نرمو

بوزان .. القرية الواقعة على سفح الجبل الممتد بين قضاء الشيخان وناحية فايدة ، هذه القرية المعروفة لدى الأيزيديين كنموذجاً ل ( لالش المقدس ) ، لوجود أكثر عدد من المزارات والمراقد لأولياء الأيزيدية ... فيها العديد من الكهوف التي آوت وأحتضنت أهاليها والبيشمه ركه الأبطال أيضاً ، خلال عمليات القصف العدوانية من قبل قوات الأنظمة المتعددة ، والتي حكمت العراق في الكثير من العمليات القتالية التي تعرضوا لها أبان الثورات الكوردية ... هذه القرية كانت من أهم معاقل البيشمه ركه في المنطقة حينها ... هذه القرية التي نال إعجاب أحد الكتاب العراقيين ليكتب رواية عن الأيزيدية بأسم ( نفق بوزان ) ... هذه القرية وخلال عقود من الزمن قدمت ربما عشرات من الأطنان من المساعدات اللوجستية من المواد الغذائية والأسلحة لقوات البيشمه ركه في كوردستان أبان الثورات ، حيث تم نقلها سواءاً على أكتاف أهاليها أو بالمعدات المتوفرة لديهم آنذاك من الحمير والبغال وعربات التراكتور وقدموا شهداءاً أثناء النقل ... في هذه القرية الكثير من الرجال ، ربما هنالك أحياءاً لحد الآن والذين كانوا يخاطرون بأنفسهم ، وتعرضوا للأعتقال والتعذيب فيما بعد لنقل البريد الحزبي السري من الدشت إلى ربوع جبال كوردستان حيث مقرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني ، وتلك الرحلات كانت تدوم ربما لأيام مشياً على الأقدام ... في هذه القرية قُتِل أشرس مسؤول بعثي معروف في المنطقة خلال ملاحقته المستمرة للتنظيمات السرية وبرصاصة أحد أشجع الفرسان والذي يعمل حالياً في صفوف الحزب الديمقراطي الكوردستاني كمسؤول عسكري على ما أعتقد ومعروف لدى أهالي المنطقة ... من هذه القرية أيضاً كُرّم أحد أشجع البيشمه ركه عام 1974 والمدعو ( صالح حجكو ) من لدن البارزاني الخالد آنذاك بسلاح برنو ( دارشوشه ) ، تكريماً لشجاعته وتمكنه من سقوط إحدى الربايا العسكرية المعقدة لقوات الجيش العراقي حينذاك ولوحده ... من هذه القرية أيضاً وفي ثورة كولان التحق العشرات من شبابها بالثورة آنذاك ، ليتمكنوا من تشكيل أقوى المفارز المسلحة والمعروفة حينذاك تحت أمرة البيشمه ركه المعروف ( ميرزا كورو ) ، لتكون لها صدىً واسعاً في المنطقة وأرهبت القوات البعثية بحيث أصبحوا في حيرة من أمرها لجولاتها وصولاتها وعملياتها العسكرية الواسعة في المنطقة ضد فلول االبعث الفاشي ، وخلال تلك العمليات قدمت القرية خيرة شبابها شهداءاً على درب الحرية والديمقراطية في صفوف قوات البيشمه ركه الأبطال ... هذا ما نعرفه بشكل موجز عن هذه القرية في مجال تقديم الخدمات والأعمال التي قدمها أبان الثورات الكوردية ، ربما لدى أهاليها الكثير من الذي لم نتمكن من تدوينها ...

إذن بعد كل هذا ، وبعد أن جنينا ثمار تلك التضحيات من هذه القرية كنموذج على سبيل المثال لا الحصر في كوردستان ، وبعد أن نادينا بالديمقراطية عشرات السنين إلى أن جاء الوقت الذي من المفروض تطبيق هذا الشعار المقدس ، لكن الذي تبين لدى الجميع بأن هنالك فرق شاسع بين المناداة بالشعارات وبين التطبيق بعد الجلوس على كراسي السلطة ، هذا ما لمسناه ونلمسه الآن بعد أحداث الشيخان المأساوية ، وما أفرزتها من غضب جماهير الأيزيدية في الداخل ، مما أدى إلى قيام بعض الشبان المتحمسين في قريتي حتارة وبوزان بالمظاهرات للتعبير عن آراءهم ، والذي يعتبر من أبسط حقوق المواطن في ظل دولة أو أقليم تسود فيه أجواء الديمقراطية وكما يدعون ، لكن للأسف جاء رد السلطات في المنطقة أعنف من الجرح الذي سببته تلك الأحداث في قضاء الشيخان لدى الأيزيديين من حرقٍ وتدمير للمراكز الثقافية والعبث بالمقدسات ، هذا ناهيك عن الشتائم والتهديدات والتي بانت في الكثير من لقطات الفيديو التي تم تصويرها أبان الأحداث ، لتأتي السلطات بحملة أعتقالات لشبان أيزيديين من قرية بوزان وملاحقة آخرين بعد أن تمكنوا من الأختفاء وللمرة الثانية جزاءاً لأحسان ما قدمت هذه القرية من تضحيات لخدمة القضية الكوردية ، المرة الأولى كانت قبل أكثر من سنتين حينما أرادت السلطات المحلية لفرض التعليم باللغة الكوردية وبشكل مفاجئ في المناطق ذات الغالبية الأيزيدية ، مما أراد بعض الطلبة الجامعيين في القرية نفسها أن يقدموا لأصحاب الشأن بآرائهم ببقاء مادة باللغة العربية على الأقل في المدارس لحين تقبل التلاميذ اللغة الجديدة بالنسبة لهم ، لكن آرائهم وإقتراحاتهم كانوا السبب في إعتقالهم من قبل قوات الآسايش في المنطقة ، وهذه المرة الوضع مختلف عن سابقاتها ، حيث الأعتقال الأخير وحسب التقديرات سيؤثر سلباً على السلطات الكوردية في المنطقة ، خاصة بعد وصول قضية الشيخان إلى الكثير من المحافل الدولية من مجالس الشيوخ والبرلمانات وحتى المحاكم أيضاً و.. و ..
لنرجع ونقول ، لو يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين ، وهنالك تجربة ديمقراطية في كوردستان ، حيث أعتبروا نموذجاً لا في العراق فحسب بل في المنطقة أيضاً وللتصدير ، هذا ما لمسناه فعلاً من خلال وسائل الأعلام الكوردستانية على مدار السنوات الماضية ....
إذن ما الضير في قيام المواطنين بالتعبير عن آرائهم وبالأساليب الديمقراطية ضد أي تصرف أو سلوك غريب من قبل السلطات أو غيرها ؟
لو كانوا ديمقراطيين فعلاً !! ما الضير إذن في إنزال أو حتى إحراق العلم الكوردستاني ؟ ألم نرى يومياً من خلال وسائل الأعلام العالمية ، أحراق الأعلام وصور القادة العالميين منهم علم الولايات المتحدة ، والتي تعتبر أكبر دولة في العالم وصور رئيسها أيضاً ...
هل إنزال أو إحراق العلم الكوردستاني وصور قادتها أهم من المقدسات الأيزيدية التي دنست تحت أقدام هؤلاء الأقزام الذين ثاروا على مرأى المسؤولين الكوردستانيين في قضاء الشيخان ؟
ألم تكن في المراكز الثقافية صوراً لأبرز القادة الكوردستانيين الشهداء ، ومنهم البارزاني الخالد والأحياء ،ومنهم السيدان جلال الطالباني ومسعود البارزاني ؟
ألم ترفرف العلم الكوردستاني على تلك المراكز الثقافية وقاعة المناسبات في قضاء الشيخان ؟
رغم كل هذا نعتقد بأن ( ثمن الفيل لا يهبط إذا كان حياً أو ميتاً ) ، هذا ما أشادت وبهذه المقولة السيدة بناظير بوتو عن دور وتمجيد مقام والدها الراحل ذو الفقار علي بوتو ... حيث نعتبر بأن العلم الكوردستاني أو حتى صور قادتها لا يهبط من مستواها إذا تم إنزالها أو حتى إحراقها ، بل سيتم ترسيخ مبادئ الديمقراطية وبما يجب أن تكون فعلاً ، هذا ما نأمل من قادتنا وسلطتنا في كوردستان للعمل بها ....

ألمانيا في
الثاني عشر من آذار / 2007

ليست هناك تعليقات: